وقوله تعالى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}: أي: لا يكاد يرى يدَه إذا أخرجها من شدة هذه الظلمات، فيضيق صدره وتشتدُّ حيرته (١).
وقيل: {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}؛ أي: لم يطمع في أنْ يراها.
وقيل: كاد يفعلُ كذا؛ أي: قارَبَ أن يفعل كذا، فقوله: {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}؛ أي: لم يقارِبْ ذلك، وهو أبلغ من النفي أصلًا؛ أي: لم يرها ولم يقارِبْ رؤيتها.
وقيل: تقديره التقديم والتأخير: إذا أخرج يده يراها لم يكَدْ؛ أي: إذا أخرج يده ليراها لم يقارِب ذلك.
وقال الفرَّاء: قيل: هو مثَلٌ، ومعناه: يراها ولكن لا يراها إلا بطيئًا؛ كما يقال: ما كدْتُ أبلغ إليك، وأنت قد بلغتَه مجهودًا (٢).
وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}: أي: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} فمَن لم يجعل له نورًا يهتدي به إلى الإيمان لم يهتدِ إليه، ومَن لم يجعل اللَّه له يومَ القيامة نورًا يمشي به إلى الجنة لم يَصل إليها.
وقال مقاتل: نزلت الآية في عُتبة بن ربيعة بن أميةَ بن عبد شمسِ بن عبدِ مَناف، كان يلتمس الدِّين في الجاهلية، ولبس المِدرعةَ والمُسوح، ثم كفر بعد مجيء الدعوة إلى الإسلام (٣).
وقال القشيري رحمه اللَّه: ظلماتُ الحسبان، وغيوم التفرقة، وليالي الجحدِ، وحنادسُ الشك، إذا اجتمعت فلا سراج لصاحبها، ولا نجوم ولا أقمار ولا شموس
(١) في (ف): "حسرته".
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٢٥٥).
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ١١١).