وقوله تعالى: {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ}: أي: كلُّ واحدٍ من هؤلاء {قَدْ عَلِمَ} اللَّه {صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ}؛ أي: عبادته فعلًا وتنزيهَه قولًا، والهاءُ على هذا القول (١) راجعةٌ إلى {كُلٌّ}.
وقيل: أي: كلُّ جنسٍ قد علم عبادةَ اللَّه وتنزيهَه.
وقيل: أي: كلُّ جنس علِم عبادةَ نفسه وتنزيهَ نفسه للَّه تعالى.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}: أي: لا يَعْزُب عنه شيءٌ منهم، وجُمع بالواو والنون وإن كان فيهم الطيور وهي لا تعقل؛ لأنَّه جمَع بينها وبين ما يَعقل، ولأنه وصفَها بوصف العقلاء: وهو التسبيح والصلاة.
وفي حديثٍ مسندٍ عن أبي ذرٍّ الغِفَاريِّ رضي اللَّه عنه عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢): أنه لمَّا حضر آدمَ الوفاة دعا بابنه شيث فعَهِدَ إليه عَهْدَه، وعلَّمه ساعاتِ الليل والنهار، وعبادةَ الخلق في كلِّ ساعة منهن، وأن لكلِّ ساعة صنفًا من الخلق:
فالساعة الأولى من النهار: حين يسجد بنو آدم من الضحى.
والثانية: صلاة الملائكة.
والثالثة: صلاة الطير.
والرابعة: صلاة الهوامِّ.
والخامسة: صلاة الحيوان.
والسادسة: صلاة الملائكة المقرَّبين حين يستغفرون لبني آدم.
(١) "القول" ليست في (ف).
(٢) لم أجده عن أبي ذر مرفوعًا، لكن رواه الطبري في "تاريخه" (١/ ٩٦)، وأبو الشيخ في "العظمة" (٥/ ١٧١٦)، عن محمد بن إسحاق، ورواية الطبري مقتصرة على أوله دون تعداد الساعات.