وقوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا}: قيل: بيوت هؤلاء للأكل. وقيل: كلّ بيت. وقيل: هي المساجد.
وقوله تعالى: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ}: أي: على جنسكم ممن كان فيها، وهو كقوله: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} النساء: ٢٩، فإن لم يكن في البيت أحد ولا في المسجد فليقل: السلام علينا من ربنا، أو ليقل: السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين، أو ليقل: السلام على مَن اتَّبع الهدى.
وقوله: {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً}: قيل: يتكلَّم بهذا متصلًا بالسلام (١).
وعن بعض السلف: أنه كان إذا دخل المسجد ولا إنسانَ فيه يقول: السلام علينا من ربِّنا تحيةً من عند اللَّه مباركة طيبة.
وقيل: هي بيانُ صفة السلام {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً} فهو مصدرٌ للأول من غير لفظه؛ كقول الراجز:
يعجبُه السَّحورُ والثَّريدُ... والتمرُ حبًّا ما له مزيدُ (٢)
وقوله تعالى: {مُبَارَكَةً}: أي: كثيرةَ الخيرِ طيبةً؛ أي: يستطيبه المحيَّى.
(١) بعدها في (ر) و (ف): "علينا من ربنا".
(٢) الرجز ذكره الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٥٩٨)، وابن الأنباري في "شرح القصائد السبع الجاهليات" (ص: ٣١)، و"الصحاح" (مادة: سخن)، والأول عندهم:
(يعجبه السَّخُونُ والعصيدُ)
وذكره ابن جني في "اللمع" (ص: ٥٠)، وابن الشجري في "الأمالي" (٢/ ٣٩٦)، برواية:
(يُعجبهُ السَّخون والبَرود)
السخون: ما يسخن من الطعام، والبرود منه: البارد. انظر: "توجيه اللمع" لابن الخباز (ص: ١٧٢).