وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: إن أبا جهل لعنه اللَّه جمع الملأ من قريش في الحِجْر ثم أرسل إلى (١) رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: أنت ابنُ أخينا وابنُ عمنا ومن أشرافنا، ولكنك فقير عائل، وقد علمنا أن اللَّه -تعالى- غني (٢) جليل، وكان حقَّك أن تغيِّر من حالك، ثم مع ذلك إنك تمرضُ كما نمرض، ويصيبك البلاء (٣) والمصائب كما تُصيبنا، وتأكل الطعام وتمشي في الأسواق كما نأكل ونمشي، فنزلت الآية (٤).
وقيل: الذي قال: {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ} عبد اللَّه بن أبي أمية المخزومي.
* * *
(١٢) - {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا}.
وقوله تعالى: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}: قيل: من مسيرةِ مئة سنة، وقيل: خمسِ مئة سنة.
قوله تعالى: {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا}: قيل: أي: إذا ظهرت لهم.
وقيل: أي: حاذَتْهم وقابلتْهم، والعرب تقول: إذا رآك الجبل فخذ عن يمينك؛ أي: إذا حاذاك، ويقال: دور بني فلان تتناظر، ويقال أيضًا: تتراءى؛ أي: تتحاذى.
وقيل: هي مبالغةٌ في بيان هيبة تلك؛ أي: كأنهم إذا دنوا منها هي تراهم رؤيةَ الغضبَى التي تزفر غيظًا عليهم {سَمِعُوا لَهَا}؛ أي: للنار {تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} (٥) عليهم؛
(١) في (ف): "ثم أتى".
(٢) "غني" ليست (أ).
(٣) في (أ): "اللأواء".
(٤) لم أجده.
(٥) من قوله: "قيل: أي: إذا ظهرت لهم. . . " إلى هنا من (أ).