{وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا}: أي: صاروا قومًا هلكَى، وقيل: كانوا في سابق القضاء كذلك.
والبور: قيل: هو جمع بائرٍ، من البَوَار وهو الهلاك، وهو كقولهم: هائدٌ وهُود، وحائلٌ وحُول.
وقيل: هو لفظٌ يصلح للواحد والجمع، وهو في الأصل مصدر كالزُّور والنُّور (١)، وقال ابن الزِّبَعْرَى في الواحد:
يا رسولَ الإلهِ إنَّ لساني... راتقٌ ما فتَقْتُ إذ أنا بُورُ (٢)
* * *
(١٩) - {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا}.
وقوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ}: يحتمل أنه كلام اللَّه تعالى في خطاب المشركين يوم القيامة؛ أي: كذَّبكم الملائكةُ أيها المشركون فيما كنتُم تقولون: إنهم أربابٌ يريدون منكم أن تعبدوهم {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا} (٣)؛ أي: فما يستطيع الملائكةُ وعزيرٌ وعيسى صرفَ العذاب عنكم ولا منعًا لمن يعذِّبكم.
وقيل: تمَّ خطاب اللَّه تعالى للمشركين بقوله: {بِمَا تَقُولُونَ} ثم قال: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ}؛ أي: الكفار {صَرْفًا} للعذاب عن أنفسهم {وَلَا نَصْرًا}: ولا منعًا لمن يعذِّبهم، وقد أَيِسوا من شفاعة معبودهم ونصرتهم، ثم خاطب الكفار في الدنيا فقال: {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا}.
(١) في (ف): "كالدور والنور"، وفي (ر): "كالدور والبور".
(٢) انظر: "ديوان عبد اللَّه بن الزبعرى" (ص: ٣٦).
(٣) {يَسْتَطِيعُونَ} بالياء قراءة السبعة عدا حفصًا فقد قرأ بالتاء. انظر: "التيسير" (ص: ١٦٣).