ويحتمل أن قوله: {فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ} خطابٌ من اللَّه تعالى لرسوله وللمؤمنين، يعني: فقد كذبكم الكفار بما تقولون من الحق في الإيمان باللَّه وتوحيده وخلعِ الأنداد {فما يستطيعون صرفًا} للعذاب الذي استحقُّوه بذلك عن أنفسهم {وَلَا نَصْرًا} لأنفسهم، لا من أنفسهم ولا من بعضهم لبعض في دفع ما ينزل بهم.
ووجهٌ آخر: فقد كذَّبكم أيها المؤمنون هؤلاء المشركون {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ} لكم {صَرْفًا} عن الحق الذي هداكم اللَّه له {وَلَا نَصْرًا} لأنفسهم من عذاب ينزل بهم {وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ} أيها المؤمنون؛ أي: يشرك بعد إيمانه {نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا} لا يجد له ناصرًا فاستديموا (١) على إيمانكم فإنهم لا يستطيعون صرفكم عن الحق الذي أوضحه اللَّه تعالى لكم.
* * *
(٢٠) - {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}.
وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ}: وهذا ردٌّ لقولهم: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ}.
يقول: وما أرسلنا قبلك أحدًا من المرسلين إلى الأمم إلا وهم كانوا بشرًا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، وذلك أَدْعى إلى الموافقة، وأسمعُ لِمَا يُلقى إليه للمناسبة.
و {إِنَّهُمْ} بكسر الألف لأنه موضعُ ابتداءٍ، وتقديره: إلا وهم يأكلون، وليست
(١) في (أ): "فاثبتوا"، وفي (ف): "فاستووا".