وقوله تعالى: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ}: أي: لا تحسبْ ذلك منهم (١) فما هم إلا كالبهائم {بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} منها؛ لأن البهائم إن لم تعتقِد صحةَ التوحيد والنبوَّة لم تعتقِد بطلانهما، وهؤلاء يعتقدون بطلانهما.
* * *
(٤٥) - {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا}.
وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}: أي: ألم تعلم، وهو استفهامٌ بمعنى التقرير؛ أي: قد علمتَ أن ربك مد الظل؛ أي: قد شاهدتَ الظلَّ كيف مدَّه اللَّه تعالى؛ أي: بسطه فعمَّ الأرض، وذلك من حين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، فإن الظلَّ مُطْبِقٌ (٢) للأرض من غير شمسٍ ولا ليل، وهذا قولُ عامة المفسرين، وهو كقوله في صفة الجنة: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} الواقعة: ٣٠؛ أي: لا شمس معه ولا ظلمة.
وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا}: أي: مستقِرًّا دائمًا لا تَعقبه الشمس فتَنسخَه.
وقوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا}: أي: نسخناه بالشمس، ثم جعلنا زوال الظل بالشمس دليلًا على أنه مِن خَلْقنا نوجدُه إذا شئنا ونُعدمه إذا شئنا.
* * *
(٤٦) - {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا}.
وقوله تعالى: {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا}: أي: قبضنا ذلك الظلَّ الممدود؛ أي: أخذناه إلينا؛ أي: إلى حيث أردنا قبضه من الأرض.
(١) "منهم" ليس من (أ).
(٢) في (ف): "مطلق".