وقيل: هذا سؤالُ صواب (١) الحكم الذي يَحكم به، وقبول ذلك في قلوب الخلق.
وقوله تعالى: {وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}: أي: الأنبياء؛ أي: توفَّني على ما توفَّيْتَهم.
{وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}: أي: وأَبْقِ لي الثناء الحسن على ألسنةِ عبادك إلى آخِر الدهر، ففعل اللَّه تعالى له ذلك، فكلُّ أهل الأديان يتولَّونه وينتسبون إليه.
وقيل: معناه: أي: اجعل في آخر الزمان من ذريتي مَن يقولُ بالحق، ويقومُ بالدِّين، ويدعو الناس إليه، وذلك راجعٌ إلى نبيِّنا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ قال اللَّه تعالى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} الزخرف: ٢٨.
* * *
(٨٥ - ٨٧) - {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥) وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ (٨٦) وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}.
وقوله تعالى: {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ}: أي: من الباقين فيها.
وقوله تعالى: {وَاغْفِرْ لِأَبِي}: أي: اجعله أهل المغفرة بإعطاء الإسلام.
وقوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ}: للحال، رجا إسلامه فسأل اللَّه تعالى أن يعطيَه ذلك، وكان وعَدَه مِن نفسه ذلك، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} الآية التوبة: ١١٤.
وقوله تعالى: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}: أي: لا تخجلني بتقصيري يوم القيامة.
وقيل: أي: لا تطالبني بصدق الخلة.
فاستجاب اللَّه دعواته فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} الأنعام: ٨٩،
(١) في (أ): "جواب".