وقال: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} البقرة: ١٣٠، وقال: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} مريم: ٥٠، وقال: {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} الأنبياء: ١٠٥، وقال: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} التحريم: ٨.
* * *
(٨٨ - ٨٩) - {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.
وقوله تعالى: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ}: كما ينفع في الدنيا {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} استثناء منقطع بمعنى لكنْ، يعني لكنْ (١) مَن أتى كذلك نَفَعه.
{بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}؛ أي: سالم عن الشرك والنفاق، فالسليم: المخلِص، والميت: الكافر، والمريض: المنافق؛ تشبيهًا بسلامة البدن ومرضه وموته.
وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "القلب السليم: المتبرِّئ من بغضِ أهل بيتي وأصحابي وأزواجي" (٢).
وقال الحسين بن الفضل رحمه اللَّه: بقلبِ سليمٍ من آفة المال والبنين.
وقال الجنيد: السليم في اللغة: اللَّديغ (٣)، وهو لا يستقرُّ، فالقلب السليم: الذي أقلقه الحب فلا يستقر.
وقال الأستاذ أبو القاسم بن حبيب: القلب السليم: الذي سلِم من ذكر غيرِ اللَّه، وسلَّم لأمر اللَّه، وأسلم نفسَه إلى اللَّه، وسالم ربه -أي: رضي بقضاء اللَّه-، واستسلم؛ أي: انقاد لحكم اللَّه.
وقال مقاتل بن حيان: {سَلِيمٍ}؛ أي: خالص (٤) من حب الدنيا.
(١) "لكن" من (أ).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ١٧١).
(٤) بعدها في (ر) و (ف): "وخلص".