قوله: {إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ}: أي: كلَّمناه وقرَّبناه نجيًّا، وأتممنا تعريفه وأمره به.
{وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ}: أي: من الحاضرين ذلك.
* * *
(٤٥) - {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}.
{وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا}: أي: لم تكن هناك ولا حضرْتَ ما جرى من الأمر فيكونَ إخبارك قومَك به عن مشاهدةٍ، ولكنَّا أنشأنا قرونًا {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ} وفتَرتِ النبوة، وكادت الأخبار تخفى والشرائعُ تَدْرُس، ولحقَ كثيرًا منها التحريف.
ثم هاهنا مضمر: فأرسلناك مجدِّدًا (١) لها، مبيِّنًا ما وقع التحريف فيه (٢)، رحمةً وهدًى وتبصيرًا لعلهم يتذكَّرون، كما فعلنا ذلك بموسى.
ومنهم مَن قال: {وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِين} عليه؛ لأن الحضور مستفادٌ بقوله: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ}.
ومنهم مَن حقَّق الأول وقال: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} (٣) عبارةٌ عن الوجود {وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِين} عبارةٌ عن الشهود، فلم يتكرر.
ثم إخبارُه عن ذلك ولم يَشهده دليلٌ على صحة دعواه الرسالةَ كما عُرف.
قوله تعالى: {وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا}: أي: ولم تكن أيضًا مقيمًا {فِي أَهْلِ
(١) في (ر): "محررًا".
(٢) في (ر): "ما وقع فيها من التحريف".
(٣) "ومنهم مَن حقق الأول وقال: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} " ليس في (أ).