مَدْيَنَ}؛ أي: لم تكن أنت الرسول إلى أهلها {تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} في كل زمانٍ رسولًا، فأرسلنا فيهم شعيبًا، وأرسلناك في آخر الزمان لتكون خاتم الأنبياء.
وقال الفراء: معناه: وما كنت ثاويًا في أهل مدين و مع موسى مقيمًا تراه وتسمعه، وها أنت تتلو عليهم آياتنا (١)، فهو منقطع عن الأول إثباتًا للحال لا نفيًا في الماضي.
* * *
(٤٦) - {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.
{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا}: أي: وما كنتَ أيضًا بجانب الطور إذ نادينا (٢) موسى إذ جاء لميقاتنا مع السبعين، فكلَّمناه وأعطيناه الألواح.
{وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}: أي: ولكن عرَّفناك ذلك (٣) رحمة منا إظهارًا لنبوتك.
{لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ}: وهم العرب {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}: يتَّعظون (٤).
وقد روي في قوله: {إِذْ نَادَيْنَا} أنه قوله: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} الأعراف: ١٥٦ الآيات.
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣١٣)، وما بين معكوفتين مستفاد منه، ولفظه: (أي: إنك تتلو على أهل مكة قصص مدين وموسى ولم تكن هنالك ثاويًا مقيمًا فتراه وتسمعه).
(٢) "أي: وما كنت أيضًا بجانب الطور إذ نادينا" ليس في (ف).
(٣) في (ر) و (ف): "ربك".
(٤) في (ر) و (ف): "يتيقظون".