حديث فاعْرِضوه على كتاب اللَّه تعالى، فإنْ وافقَ كتابَ اللَّه فاقبَلوه، وإن خالفه فردُّوه" (١)، فطلبتُ صحةَ الحديث الأول في القرآن ثلاثين سنة حتى وجدتُه في هذه الآية.
* * *
(٣٢) - {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}.
ثم وصف هؤلاء المشركين فقال: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ}: أي: عبدوا أصنامًا متفرقةً، كلُّ قوم يعبدون صنمًا غيرَ صنم الآخرِين، واختار قوم اليهودية، وقومٌ النصرانيةَ، وقومٌ المجوسيةَ، وكذا وكذا.
وقرئ: {فارَقوا دينهم} (٢)؛ أي: جانَبوا الدِّين الذي فطرهم اللَّه تعالى عليه وشهدتْ خلقتُهم به، فلمَّا فارقوا دينهم اتَّبعوا الأهواء على غيرِ علمٍ فاختلفوا.
{وَكَانُوا شِيَعًا}: أي: صاروا فرقًا كلُّ فرقةٍ تشايع (٣) مَن وافَقها على هواها.
وقوله تعالى: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}: مسرورون لتوهُّمهم أنهم على حقٍّ وأنَّ مَن خالفه باطلٌ، وليس كذلك بل كلُّهم على باطل.
وقال أبو العالية ومقاتل: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} يعني: أخَذ الميثاق عليهم حين أخرجهم من صُلب أبيهم آدم عليه السلام وقال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} الأعراف: ١٧٢ (٤).
= (١٠٧٩). قال الترمذي: حسن صحيح غريب.
(١) انظر: "الموضوعات" للصغاني (ص: ٧٦).
(٢) قراءة حمزة والكسائي، وقرأ الباقون: {فَرَّقُوا دِينَهُمْ}. انظر: "السبعة" (ص: ٢٧٤)، و"التيسير" (ص: ١٠٨).
(٣) في (ر) و (ف): "تتابع".
(٤) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٤١٣)، ورواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ٥٥٧)، وابن أبي حاتم في =