وروى أبو هريرة رضي اللَّه عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "كلُّ مولودٍ يولد على الفطرة فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه كما تُنتَجُ البهيمةُ بهيمةً جمعاء هل تُحسون فيها من جدعاء؟ " ثم قال أبو هريرة رضي اللَّه عنه: اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (١).
* * *
(٣٣) - {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ}: أي: وإذا أصاب هؤلاء المشركين بلاءٌ من مرض ونحوِه استغاثوا باللَّه في كشفِ ما نزل بهم مقبِلين بالدعاء إليه وحده دون الأصنام؛ لعلمهم أنه لا فرج عندها.
وقوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً}: أي: ثم إذا أعطاهم من ذلك الضرِّ عافيةً {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}؛ أي: إذًا وجدتَ فريقًا منهم يشركون (٢) به في العبادة.
* * *
(٣٤ - ٣٥) - {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ}.
وقوله تعالى: {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ}: أي: يفعلون ذلك ليكونوا كفارًا بما أنعم اللَّه عليهم من كشفِ الضرِّ وإبداله بالعافية فيجحدون ذلك.
= "تفسيره" (٥/ ١٦١٥)، من طريق أبي العالية عن أبي بن كعب رضي اللَّه عنه.
(١) رواه البخاري (١٣٨٥)، ومسلم (٢٦٥٨)، وما بين معكوفتين منهما.
(٢) قوله: "أي إذا وجدت فريقًا منهم يشركون" ليس في (ر).