وقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}: قرأ عاصم: {أُسْوَةٌ} بضم الألف والباقون بكسرها (١)، وهما لغتان في القدوة، وتذكيرُ {كَانَ} لتقدُّم الفعل؛ أي: لقد كان لكم قدوةٌ برسول اللَّه حين خرج لحرب هؤلاء وبذَل نفسه لنصر دين اللَّه، مع ما قاساه من البلايا من البرد والجوع وحفر الخندق وغيرِ ذلك، فكان ينبغي لهؤلاء أن لا يخالِفوه ولا يتخلَّفوا عنه.
{لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}: أي: يأمل ثوابَ اللَّه ويخافُ عقاب اللَّه، والرجاء اسم لهما جميعًا.
{وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}: بالتعظيم له في كل الأحوال، فهذا هو الذي يرغب في اتِّباع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.
* * *
(٢٢) - {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا}.
{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ}: أي: أخبَر اللَّه أنه يكون بلاءٌ وشدة في آيات {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا} البقرة: ٢١٤ {الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} العنكبوت: ١ - ٢ الآيات {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} الآية آل عمران: ١٧٩، ونحوها.
{وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}: ظهَر صدقُهما.
{وَمَا زَادَهُمْ} ما رأوا {إِلَّا إِيمَانًا} وتصديقًا (٢) {وَتَسْلِيمًا} وتفويضًا، وقالوا: ظهر صدق وعد اللَّه في إصابة البلاء، فكذلك يظهر صدق وعده في النصر والفرج.
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٥٢٠)، و"التيسير" (ص: ١٧٨).
(٢) "وتصديقًا" ليست في (أ).