(٢٣) - {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.
وقوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ}: قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: إن جماعة من الصحابة لمَّا سمعوا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصف شهداء بدر ودرجاتهم في الجنة وثوابَهم عند اللَّه تعالى، قالوا: لئن أرانا اللَّه مثلَ ذلك اليوم فعلنا وفعلنا، فلما ابتُلوا بيوم أحد صاروا فرقًا، فمنهم مَن استُشهد مثلَ حمزةَ ومصعبِ بن عميرٍ ودونهما، ومنهم مَن جُرح، ومنهم مَن انهزم، فوصف اللَّه الذين ثبتوا في الحرب فقال: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} (١).
{فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ}: أي: نذره.
وقال ابن عباس ومقاتل: أي: أجَله (٢).
وقال الضحاك: يعني: الموت (٣).
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} يعني الوفاء بالعهد {وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.
وعن أنس بن مالك رضي اللَّه عنه قال: غاب عمي أنسُ بن النضر عن قتال بدر، فقال: غبتُ عن أولِ مشهدٍ شهِده رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولئن شهدتُ مشهدًا مع رسول اللَّه ليَرينَّ اللَّه ما أصنع، وهاب أن يقول غير ذلك، فلما كان يوم أحد وقتل من
(١) لم أقف عليه عن ابن عباس، وقد ذكر نحو هذا الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٦٤ - ٦٥) مقدمًا به لحديث أنس رضي اللَّه عنه في قصة عمه أنس بن النضر وسيأتي.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٤٨٤). ورواه عن ابن عباس الطستي في "مسائله" كما في "الدر المنثور" (٦/ ٥٨٨)، ومن طريق الطستي رواه السيوطي في "الإتقان" (٢/ ٨٣).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٦٤)، والواحدي في "البسيط" (١٨/ ١٩)، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.