ولأن المصباح يُرى به وجوه الأحباء، فكذا بمتابعة المصطفى يُوصَل إلى صحبة الأنبياء والشهداء والصدِّيقين والصُّلحاء.
ولأن المصباح تمامه بأربعة أشياء: المِسْرجةُ والفتيلةُ والدُّهن والنار، وكذا تمام أمر المصطفى كان بالخلفاء الراشدين الأربعة.
ولأن المصباح يضيء من كلِّ جهاته، وكان للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رفيقًا نافعًا في كلِّ مقاماته.
وأما وجه تشبيهه بالشمس على قولِ مَن فسره بها: فلأن الشمس تضيء من المشرق إلى المغرب (١)، والنبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أضاء من الثرى إلى الثريا (٢).
ولأن الشمس لا ثانيَ لها ولا نظير والنجمُ له نظير، وكذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن له نظير.
ولأن الشمس تنكسفُ ثم تنجلي، وكذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُمتحَن ثم يعتلي.
ولأن الشمس تغرُب ثم تطلع، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- هاجر من مكة إلى المدينة ثم عاد إلى مكة.
ولأن الشمس تضيء لمن لا سراج له، وتُدفئ مَن لا ثوب له، وتُنضِج لمن لا نار له، وكذلك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يشفع لمن لا طاعة له، ويرفع لمن لا عبادة له، وينفع مَن لا خدمة له.
* * *
(٤٧ - ٤٨) - {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا (٤٧) وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}.
(١) في (أ): "الشرق إلى الغرب".
(٢) في (أ): "من الثريا إلى الثرى".