إلى أن يعود سرورُهن (١) وانتفاءُ الحزن عنهن ورضاهن إذا علمن أنك فعلتَ ذلك كلَّه بأمر اللَّه، وأن لهنَّ الثوابَ إذا رضينَ بذلك، وأن لكلِّ واحدة منهن الرجاءَ في الابتغاء بعد العزل.
وعن معاذةَ العدويَّةِ عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يستأذنُنا في نوبةِ إحدانا بعد ما أُنزلت {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} الآية، قالت معاذة: فما كنتِ تقولين لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا استأذن؟ قالت: كنت أقول: إن كان ذاك إليَّ لم أُوثر على نفسي أحدًا (٢).
قالوا: وكان هذا تفضُّلًا منه ومراعاةً لقلوبهن، حتى كان يطاف به محمولًا في مرض موته إلى أن استحلَّهن فرضِينَ بأنْ يكون في بيت عائشة رضي اللَّه عنها.
وعن أبي رَزِينٍ قال: المرجَآت ميمونةُ وسودةُ وصفيةُ وجُويرية وأمُّ حَبيبة، وكانت عائشةُ وحفصةُ وزينبُ وأمُّ سلمة رضي اللَّه عنهم سواءً في القَسْم كان يسوِّي بينهن (٣).
وقيل: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} هذا التخيير فيمَن كانت تَعْرِض نفسها على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هبةً، وكان له أن يقبل مَن يشاء ويردَّ مَن يشاء، وهذا على قبول النكاح ابتداءً وردِّه.
وقيل: هذا التخيير كان في تزوُّجِ مَن يشاء من هذه الأصناف وفي ترك تزوُّجها.
(١) في (ر) و (ف): "تعود بسرورهن".
(٢) رواه البخاري (٤٧٨٩)، ومسلم (١٤٧٦).
(٣) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٣٦١)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (١٦٤٧٧)، والطبري في "تفسيره" (١٩/ ١٣٩ - ١٤٠).