وقيل: كان من المنافقين التضريب (١)، ومن {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} الميلُ إلى الزنا، واتِّباعُ النساء والإماء بالليل، والتعرُّضُ لهن بكلام الرَّفث {وَالْمُرْجِفُونَ}: المخبرون بأن فلانًا يتبع فلانةَ وفلانة تطاوع فلانًا، وهو إذاعة الفاحشة.
وقيل: كان من الطبقة الثالثة الإخبارُ بأحوال المشركين؛ أنهم اجتمعوا ولهم (٢) عَددٌ وعُدَّة ليَحْزُنوا بذلك المسلمين.
وقيل كان من المنافقين إيقاع الشكوك والشبه في قلوب الضَّعَفة من (٣) المسلمين.
وقيل: الثلاثة صنفٌ واحد وهم المنافقون، وهذه صفاتهم، والواو لتغايُرِ الصفات لا لتغايُر الذوات؛ كما مر في قوله: {أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} النور: ٢٢ (٤)، وأنشد الفراء:
فإن رُشيدًا وابنَ مروان لم يكنْ... ليَفعلَ حتى يُصْدِرَ الأمرَ مَصدَرا (٥)
وقوله تعالى: {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ}: أي: لنسلِّطنَّك عليهم ولنأمرنَّك بقتالهم، يعني: إن لم يكفُّوا عن إيذاء المؤمنين، وخرجوا إلى المكاشفة والتصريح بما هم عليه في معاملة المؤمنين من التضريب وإيقاع الشُّبه والسعي في إشاعة الفاحشة فيهم وإيهان (٦) أمورهم.
(١) التضريب: الإغراء، والمراد هنا: إيقاع الفتن والسعي بين الناس بالنميمة.
(٢) في (ر) و (ف): "وبهم".
(٣) "من" ليس من (ف).
(٤) روى هذا القول ابن سعد في "الطبقات" (٨/ ١٧٧) عن عبيد بن حنين.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ١٣٢)، و"الأضداد" لابن الأنباري (ص: ١١٠)، وفيه: فرُشيد هو ابن مروان، نُسقَ عليه لما فيه من زيادة المدح.
(٦) في (ر): "وتشتيت".