وقال الحسن: {وَأُخِذُوا} يوم القيامة {مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ}: من بطن الأرض إلى ظهرها (١).
* * *
(٥٢) - {وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}.
{وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ}: يجوز أن يكون راجعًا إلى قوله: {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ}، ويجوز أن يكون إلى الوحي فقد قال: {فَبِمَا يُوحِي}، ويجوز أن يكون إلى الرب فقد قال: {إِلَيَّ رَبِّي} (٢).
فإن كان هذا عند الموت فهو كقوله: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} غافر: ٨٤، وقال: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} النساء: ١٥٩.
وإن كان في القيامة فكلُّ الكفار يؤمنون (٣) ويتبرَّؤون عن الكفر حينئذ.
وقوله تعالى: {وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}: أي: كيف ومِن أين لهم تناوُل الإيمان من مكان بعيد؟ وهو تمثيل ومعناه: ليس هذا وقتَ نفعِ الإيمان ولا مكانَ قبول الإيمان، كان ذلك في الدنيا وقبل معاينة هذه الأحوال.
وقرأ أبو عمرو وحمزةُ والكسائي وخلف (٤)، وعاصم في رواية أبي بكر والشموني والبرجمي (٥):. . . . . . .
(١) ذكره يحيى بن سلام في "تفسيره" (٢/ ٧٧١)، وابن أبي زمنين في "تفسيره" (٤/ ٢١).
(٢) في (ف): " {إِنَّ رَبِّي} "، وهي أيضًا مما تقدم.
(٣) بعدها في (ر): "به".
(٤) "وخلف" ليست في (أ) و (ف).
(٥) قوله: "والشموني والبرجمي" ليس في (أ).
والشموني هو محمد بن حبيب، قرأ على أبي يُوسف الأعشى، وقرأ أبو يوسف على أبي بكر، =