ووجه آخر: لا ترجوا الخلائق ولا تَسَلوهم فكلُّهم محتاجون، بل اللَّهَ فارجوا وإياه فاسألوا.
* * *
(١٦ - ١٧) - {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ}.
{إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ}: كلَّكم شريفَكم ووضيعَكم {وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} ووحَّد {جَدِيدٍ} لأن لفظ الخلق واحد وأصله مصدر، ومعناه: بخلائق.
{وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ}: أي: بعسيرٍ، وهو إذهابكم.
* * *
(١٨) - {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}.
وقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}: أي: ولا تحمل نفسٌ حاملة حملَ نفسٍ أخرى يوم القيامة، فلا تغترُّوا بقول كبرائكم المتعزِّزين (١) بالدنيا، القائلين لكم: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} العنكبوت: ١٢، فلا تُجزى نفسٌ عن نفسٍ شيئًا.
{وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ}: أي: نفسٌ مثقلةٌ بالذنوب {إِلَى حِمْلِهَا} ليُحمل من ذنوبها شيء {لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ} والكناية ترجع إلى {حِمْلِهَا}.
{وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}: أي ولو كان مدعوُّها قريبًا لها؛ من أبٍ أو أمٍّ أو أخٍ أو أختٍ أو نحوِ ذلك، وكل امرئ منهم له شأنٌ يغنيه.
(١) في (ر): "المتغرربن".