قوله تعالى: {تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ}: قرأ ابن كشير ونافع وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر: {تنزيلُ} بالرفع؛ أي: هو -أو: هذا- تنزيل، أو (١) هو مصدر بمعنى المفعول؛ أي: مُنزَلُ اللَّه العزيزِ المنيعِ المنتقِم من أهل معصيته الرحيمِ بأهل طاعته.
وقرأ الباقون بالنصب على المصدر (٢)؛ أي: والقرآنِ المنزلِ تنزيلًا من العزيز الرحيم.
وقوله تعالى: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا}: أي: إنك لمرسلٌ {لِتُنْذِرَ}؛ أي: لتخوِّف من عذاب اللَّه {قَوْمًا}.
{مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ}: له وجهان:
أحدهما: أن (ما) يكون اسمًا؛ أي: لتنذرهم بالذي أَنذر الرسلُ المتقدِّمون آباءَ هؤلاء.
والثاني: أن (ما) للنفي؛ أي: قومًا لم ينذِر آباءَهم (٣) أحدٌ من الرسل؛ أي: لم يأتهم رسل؛ كما قال: {وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ} سبأ: ٤٤.
{فَهُمْ غَافِلُونَ}: أي: عن التدبُّر في إنذار الرسل الماضين.
وعلى القول الثاني: أي: عن التدبر بالعقول فيما يَلزمُهم من توحيد اللَّه، وفيما جاء به (٤) رسولهم هذا.
وقيل: أي: غافلون عما أُعد لهم من العقاب؛ كالرجل يُعَدُّ له ما يكرهُه وهو لا يعلم به، فيقال له: إنك لغافلٌ عما يرادُ بك.
(١) في (أ) و (ف): "و".
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٥٣٩)، و"التيسير" (ص: ١٨٣)، وفيهما "أبو عمرو" بدل "ابن عامر".
(٣) في (أ): "ينذروهم" بدل: "ينذر آباءهم".
(٤) في (أ): "أجابهم" بدل: "جاء به".