وقيل: {مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ}: أي: بما أُنذر آباؤهم، قاله الفراء، وهو كقوله: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فصلت: ١٣ (١).
* * *
(٧) - {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ}.
وقوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ}: أي: لقد تحقَّق قول اللَّه على أكثر هؤلاء بموتهم على الكفر {فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} وهو في قومٍ علِم اللَّه منهم اختيارَ الكفر والإصرارَ عليه، فشاء منهم ذلك وأخبر عنهم بذلك فهُم كذلك.
وقيل: حق القول عليهم هو قوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} ص: ٨٥ في تلك الآية هو معلق بشرط الاتِّباع، وفي هذه الآية حقَّ القول بذلك (٢) وسقط الشرط؛ لعِلْم اللَّه منهم بالاتِّباع دون الإقلاع، وهو كقوله: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} غافر: ٦ وكقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} الأحقاف: ١٨.
* * *
(٨) - {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ}.
وقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ}: الذَّقَن: مجتمع اللَّحْيين.
والمُقْمَح: الغاضُّ بصرَه بعد رفع رأسه، وقال مجاهد: هو الذي رفع رأسه وشَخَص ببصره (٣).
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣٧٢).
(٢) "بذلك" من (ف).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٩/ ٤٠٤)، وعبد بن حميد وابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" =