وقيل: {وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ}؛ أي: والذي كنا منزلين على مَن قبلهم من الطوفان والقذف والصاعقة.
* * *
(٢٩ - ٣٠) - {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ (٢٩) يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}.
{إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً}: أي: ما كانت العقوبة {إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} من جبريل عليه السلام {فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ}؛ أي: ميتون، خمدت أرواحهم وسكنت أنفاسهم؛ كالنار إذا طَفِئت (١) من الإيقاد.
وقوله تعالى: {يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}: أي: ندامةً تكون من العباد على أنفسهم إذا صاروا إلى دار الجزاء ورأوا ثواب أهل الطاعة، فيقولون: {يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} الأنعام: ٣١ والحسرة هي بلوغ النهاية في التلهُّف حتى يبقى القلب حسيرًا لا موضع فيه لزيادة التلهُّف، كالبصير الحسير الذي لا قوة فيه للنظر، والبعيرِ الحسير الذي لا قوة له على المسير (٢).
وقيل: هذا قول الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى.
وقيل: هو قول رسلهم حين رأوا ما نزل بهم.
وقيل: هو قول المعذَّبين حين رأوا نزول العذاب.
وقيل: هو ابتداء كلام من اللَّه تعالى.
{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ}: أي: ما يأتي العباد رسول {إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ}؛ أي: يسخرون.
(١) في (ف): "أطفئت".
(٢) في (ر) و (ف): "لا قوة فيه للمسير".