(٣١) - {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ}.
{أَلَمْ يَرَوْا}: أي: كفارُ قريش {كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ} على تكذيب الرسل فيعتبروا بهم.
{أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ}: قرأه العامة بفتح الألف لوقوع {يَرَوْا} عليها؛ أي: قد رأوا أن مَن هلك لا يرجع إلى الدنيا، بل هم قوم مُبقَّون في قبورهم إلى أن يُبعثوا فيحاسَبوا فيجازَوا بأعمالهم.
ومَن قرأ بالكسر (١) فعلى الابتداء؛ أي: حكمنا أنهم لا يرجعون إلى الدنيا، وإنما يبعثون يوم القيامة، وكذلك حال هؤلاء.
ودلت الآية على بطلان قول القائلين بالتناسخ والقائلين بالرجعة، وبها استدل ابن عباس في ردِّ مَن قال بأن عليًّا مبعوث وإلينا مردود (٢).
* * *
(٣٢) - {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}: قرئ {لَمَّا} بالتشديد، وهو قراءة ابن عامر وحمزةَ وعاصمٍ، وله معنيان:
أحدهما: {وَإِنْ كُلٌّ}؛ أي: وما كلٌّ لمَّا جميع؛ أي: إلا جميع (٣)، كقوله: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} الطارق: ٤؛ أي: ما كلُّ نفس إلا عليها حافظ.
(١) نسبت للحسن. انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٢٥ - ١٢٦).
(٢) رواه عبد بن حميد وابن المنذر كما في "الدر المنثور" (٧/ ٥٥).
(٣) في (ر): "إلا {لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} " بدل: "لما جميع أي إلا جميع".