(٤٦ - ٤٧) - {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٤٦) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}.
{وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ}: وهذا يدل على أن المضمَر: أعرضوا.
وقوله: {مِنْ آيَةٍ}، {مِنْ} للتأكيد، ومعناه: وما تأتيهم آيةٌ.
قال مقاتل: هي انشقاق القمر بمكة نصفين (١).
وقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}: قال مقاتل بن سليمان: إن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قالوا للمشركين: أعطونا ما زعمتُم من أموالكم أنها للَّه مما ذرأ من الحرث والأنعام، فسألوهم نصيب اللَّه من أموالهم فحرموهم فقالوا:
{قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ}: أي: أُنعطي مَن لو يشاء اللَّه أعطاه (٢)؟ وهذا استفهام بمعنى الإنكار.
{إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}: أي: ما أنتم؛ قيل: هو قول الكفار للمؤمنين؛ أي: إنكم لتقولون: إن اللَّه قادرٌ على أن يوسِّع على عباده (٣) ثم تتركون مسألته وتسألوننا.
وقيل: هو خطاب للكفار: {إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} في التكلُّم بهذا على وجه الاستهزاء بالمؤمنين، وفي التعلُّق بهذا في ترك الإنفاق على المحتاجين، فإنهم كانوا يقولون: إنكم قلتُم {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} وإذا كان اللَّه يرزقنا فهو قادر على أن
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٥٤٩) تفسير الآية الرابعة من سورة الأنعام.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٥٥٨١).
(٣) في (ر): "عبده"، وفي (ف): "عبيده".