وقيل: هو إخبار عن تمييزهم من أهل الجنة؛ كما قال: {سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} سبأ: ١٨، وقال: {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ} الإسراء: ١٠٤.
وقوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}: أي: يقال لهؤلاء المشركين عند إدخالهم النار توبيخًا لهم: ألم أُوْصِ إليكم ألم آمركم على ألسنة رسلي يا أولاد آدم ألَّا تطيعوا الشيطان ولا تعظِّموا أمره ولا تتذلَّلوا له بالانقياد لِمَا يوسوس إليكم من اتِّباع الشهوات وترك الديانات {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} قد أبان لكم عداوته.
* * *
(٦١ - ٦٢) - {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ}.
{وَأَنِ اعْبُدُونِي}: فإني خالقكم ورازقكم.
{هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ}: فإنه طريقٌ سويٌّ مَن سلَكه استقام به إلى رضواني والوصول إلى جِناني.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا}: أي: خلقًا كثيرًا.
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بضم الجيم والباء خفيفة اللام، وقرأ نافع وعاصم بكسر الباء والجيم مشددة اللام، وقرأ ابن عامر وأبو عمرو بضم الجيم ساكنة الباء خفيفة اللام (١).
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٥٤٢)، و"التيسير" (ص: ١٨٤). ووقع في (ف): "قرأ أبو عمرو وابن عامر بضم الجيم ساكنة الباء خفيفة اللام وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي بضم الجيم والباء خفيفة اللام وقرأ نافع وعاصم وأبو جعفر وسهل بكسر الجيم والباء مشددة اللام".