(٢ - ٣) - {فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (٢) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا}.
{فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا}: النَّازِلاتِ بما هو زَجْر للخلْقِ عنِ المعاصي.
{فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا}: القارِئاتِ على الرُّسُلِ ذِكْرًا، أيْ: وحْيًا مِن اللَّهِ، والوصلُ بالفاءِ يدلُّ على أنَّها في صفاتِ جماعةٍ واحدةٍ يبتني بعضُها على بعضٍ.
ومعنى {فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} كمعنى {فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (٥) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا} المرسلات: ٥ - ٦.
والجمعُ بالألفِ والتَّاءِ لِمَا أنَّهم طوائفُ، كلُّ طائفةٍ منهم صافَّةٌ زاجرةٌ تاليةٌ، والجمعُ: صافَّاتٌ زاجِراتٌ تالِياتٌ.
وقيل: صافَّاتٌ بالنُّزولِ بسورةِ الأنعامِ جملةً.
والمصادِرُ فيها لتأكيدِ الوصفِ، و (التاليات ذِكرًا) قيل: أي: تلاوةً، والتَّبديلُ بالذِّكْرِ لتتَّفِقَ الفواصِلُ (١)، وهوَ كقولِ الشَّاعرِ:
ألمْ يحزُنْكَ أنَّ حِبالَ قيسٍ... وتغلِبَ قدْ تباينَتِ انقِطاعًا (٢)
أيْ: تبايُنًا.
وقيلَ: {ذِكْرًا}؛ أي: كتابًا وقرآنًا.
(١) في (ر): "ليتفق رؤوس الآي".
(٢) البيت لعُمير بن شُييم القطامي يمدح زفر بن الحارث الكلابي؛ كما في "ديوانه" (ص: ٣١)، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة (٢/ ٣٧)، و"طبقات فحول الشعراء" لابن سلام (٢/ ٥٣٨)، و"تفسير الطبري" (١٧/ ٤٨٠)، و"الأزمنة والأمكنة" للمرزوقي (ص: ٥٠٤). وفي أكثر المصادر: (قد تباينتا). والبيت ذكره المؤلف شاهدًا على مجيء المصدر على غير لفظ الفعل، وفي إعراب قوله تعالى: {ذِكْرًا} قول آخر، وهو النصب على المفعولية، إلا أن في إعرابه مصدرًا جعلُ المنصوبات الثلاثة على نسق واحد. انظر: "روح المعاني" (٢٣/ ٧).