العِينِ: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ}، أشارَ بذلكَ إلى أنَّ الحورَ العِينَ للصُّحْبةِ دونَ الوِلْدانِ؛ لأنَّ اللُّؤلؤَ للنَّظَرِ لا للذَّوْقِ، والبَيْضَ لهما.
وقيلَ: أرادَ به المصونَ عن الكسرِ، أرادَ به أنَّهنَّ عَذارى صحيحاتٍ، قال الفَرَزْدَقُ:
خرجْنَ إليَّ لمْ يُطْمَثْنَ (١) قَبْلي... وهُنَّ أصحُّ مِنْ بَيْضِ النَّعامِ (٢)
وقال الحسنُ وابنُ زيدٍ: شُبِّهْنَ ببَيْضِ النَّعامِ يُكَنُّ بالرِّيشِ مِن الرِّيحِ والغُبارِ (٣).
* * *
(٥٠ - ٥١) - {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٥٠) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ}.
وقولُه تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}: أي: فأقبَلَ بعضُ أهلِ الجنَّةِ -وهمُ المُخلصون- على بعضٍ يتحدَّثون بما أنعمَ اللَّهُ عليهم مِن حينِ كانوا في الدُّنيا إلى أنْ صاروا إلى الجنَّةِ.
{قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ}: أي: صاحبٌ مقارِنٌ كافرٌ بالبعثِ.
* * *
(٥٢ - ٥٣) - {يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ}.
{يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ}: بالبعثِ؟ استفهامٌ بمعنى الإنكارِ.
{أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ}: أي: لَمَجزيُّون، مِن قولِهم: كما تَدينُ تُدانُ (٤).
(١) في (ف): "يطمثهن".
(٢) انظر: "ديوان الفرزدق" (٢/ ٨٣٥) وهو من قصيدة يمدح بها هشام بن عبد الملك.
(٣) ذكره عنهما الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ١٤٤)، والواحدي في "الوسيط" (٣/ ٥٢٥).
(٤) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٢٠٢٦٢) من طريق أبي قلابة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مرسلًا. ومن طريق =