(٦٩ - ٧٠) - {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ (٦٩) فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ}.
وقولُه تعالى: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ}: أي: إنَّما صاروا إلى النَّارِ لأنَّهم كانوا وجدوا آباءَهم على ضلالٍ.
{فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ}: أي: فهُم بهم يقتدون، وعلى آثارِهم يُسرِعون.
قالَ أبو عُبيدةَ: يستحثُّون مَن خلْفَهمْ (١).
وقال المبرِّدُ: يُقالُ: جاءَ فلانٌ إلى النَّارِ مُهْرِعًا؛ أي: يستحثُّه البرْدُ (٢).
ومعنى الآيةِ: يسيرون على آثارِهمْ سِراعًا كأنَّهم يُساقون إليه ويُحثُّون.
* * *
(٧١ - ٧٤) - {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (٧٢) فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}.
وقولُه تعالى: {وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ}: بتقليدِ الغيصِ، وتركِ النَّظَرِ والتَّأمُّلِ.
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ}: رُسُلًا مخوِّفين.
{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ}: الَّذينَ أنذرَهمْ رسلُنا، فلم يخافوا ولم يقبلوا كيف أهلكْناهمْ؟!
{إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ}: إنْ حُمِلَ على حقيقةِ الاستثناءِ، فالإنذارُ كان للكلِّ، فمَن قبِلَ الإنذارَ آمنَ وأخلص، فنجا وتخلَّص، ومَن لمْ يقبلْ منهم وأصرَّ على كفرِه أهلكَه اللَّهُ تعالى بجُرْمِه.
(١) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (٢/ ١٧١).
(٢) ذكره مكي بن أبي طالب في "الهداية" (٩/ ٦١١٦)، والقرطبي في "تفسيره" (١٥/ ٨٨).