وإنْ حُمِلَ على الاستثناءِ المنقطعِ بمعنى "لكنْ"، فالمُنذرون هم الكافرون، وهم مُهْلَكون، لكنَّ المؤمنين مُخْلَصون.
* * *
(٧٥ - ٧٦) - {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ}.
وقولُه تعالى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ}: وهذا تفصيلُ المنذِرين والمنذَرين.
يقولُ: ولقد دعانا نوحٌ؛ كما قال: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} القمر: ١٠، وقال: {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} نوح: ٢٦.
{فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ}: فأجبْنا دعاءَه، ونِعْمَ المجيبون نحن.
{وَنَجَّيْنَاهُ}: أي: وخلَّصْناه {وَأَهْلَهُ}: وأولادَه وأهلَ بيتِه ومَن آمنَ به {مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ}: مِن الغَمِّ الذي كان فيه مِن أذى القوم.
* * *
(٧٧ - ٧٨) - {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ}.
وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ}: أي: أولادَه هم الذين بقُوا في الأرضِ، فتناسلوا وتوالدوا، فالنَّاسُ بعدَ طوفانِ نوحٍ عليه السَّلامُ مِن أولادِه وذرِّيَّتِه (١) إلى اليومِ، فالعربُ والعجمُ مِن أولادِ سامِ بنِ نوحٍ، والتُّرْكُ والصَّقالبةُ والخَزَرُ مِنْ أولادِ يافثِ بنِ نوحٍ، والسُّودانُ (٢) مِن أولادِ حامٍ.
(١) في (ر) و (ف): "من ذريته" بدل: "من أولاده وذريته".
(٢) في (أ): "والسود".