{أَنِ امْشُوا}: أي: قائلين بعضهم لبعض: أي: امضوا على ما كنتم عليه، ولا تُقيموا على استماع كلام محمد.
و {أَنْ} بمعنى (أيْ) التي للتفسير. وقال الزَّجَّاج: معناه: بأن امشوا (١).
{وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ}: أي: واحبسوا أنفسكم على عبادة آلهتكم التي كنتم أنتم وآباؤكم على عبادتها، فإنها تستحقُّ ذلك.
{إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}: أي: إنَّ كلام محمد هذا لَشيء يُراد به جرُّكم إلى الانقياد له لِيتحكَّمَ في أنفسكم وأموالكم وأولادكم وأهاليكم بما يشاء، وهو كلام يُذْكَر على الإبهام للتَّحذير.
* * *
(٧) - {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ}.
{مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ}: أي: إنَّ قوله: (لا إله إلا اللَّه) ما سمعنا به في أديان قومنا التي هي الملَّةُ المتأخِّرة عن الملل المتقدِّمة.
{إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ}: أي: ما هذا إلا ابتداعٌ كَذِبٌ.
وقال مجاهد: الملة الآخرة: ملةُ قريشٍ (٢).
وقال ابن عباس: الملة الآخرة: اليهوديَّة والنصرانيَّة (٣)، وجُعِلَتا ملَّةً واحدة على
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٤/ ٣٢١)، ونص كلامه: معناه: أي: امشوا، وتأويله: يقولون امشوا، ويجوز: وانطلق الملأ منهم بأن امشوا؛ أي: بهذا القول.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٢٢).
(٣) ذكره الماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٨/ ٦٠٧) عن عامة أهل التأويل، وهو قول الفراء في "معاني القرآن" (٢/ ٣٩٩).
والمروي عن ابن عباس أن الملة الآخرة هي النصرانية، كما رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٢٢) عنه وعن السدي ومحمد بن كعب القرظي.