(١٦) - {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ}.
وقولُه تعالى: {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ}: أي: استعجلوا العذاب؛ كما ذكَرَ ذلك عنهم في آيات.
والقِطُّ: الصَّحيفة، وهي صحيفة الأعمال التي يُعطاها الناس يوم القيامة عن أيمانهم وشمائلهم؛ أي: عجِّلْ لنا هذا إنْ كان صدقًا.
وقيل: هو كقوله: {وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} الإسراء: ٩٣، وكقوله: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً} المدثر: ٥٢.
وقيل: القِطُّ؛ النَّصيب، مِن القَطِّ؛ وهو القَطْع، وهو ما قُطِعَ مِن الكُلِّ فجُعِل لصاحبه، فكأنهم قالوا: عجِّلْ لنا نصيبَنا مِن العذاب مِن النار إنْ كان الأمر على ما تقول، وهو كقوله: {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ} الذاريات: ٥٩.
وقيل: أرادوا: عجِّلْ لنا نصيبَنا مِن الجنة والثوابِ الذي تعِدُنا على الإيمان لنؤمنَ بكَ، ونحن نريده في الدنيا لا في الآخرة، يستهزؤون بذلك.
وقيل على هذا: عجِّلْ لنا كَتْبَ جوائزِنا مِن اللَّه بذلك ككَتْبِ جوائز الملوك.
وقال المبرد: "القُطوطُ" أصلُها الصُّحُف بالجوائز، ثم قيل لكلِّ نصيبٍ: قِطٌّ (١).
قال أبو العالية: لما نزل في الحاقة: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ. . . و. . . بِشِمَالِهِ} الحاقة: ١٩ - ٢٥، قرأها عليهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا على جِهة الاستهزاء: {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} يَعْنون: هذا الكتابَ (٢).
(١) لم أقف عليه للمبرد، وذكر نحوه الواحدي في "الوسيط" (٣/ ٥٤٣)، وابن دريد في "جمهرة اللغة" (١/ ١٥٠)، وأبو عبيد في "الغريبين" (مادة: قطط).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ١٨٢)، والواحدي في "الوسيط" (٣/ ٥٤٣) عن أبي العالية والكلبي، وزاد الواحدي نسبته لمقاتل.