وقيل: قائلُ هذا الكلام أبو جهل (١)
وقيل: قائلُه النَّضْر بن الحارث (٢).
* * *
(١٧) - {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.
وقولُه تعالى: {اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ}: أي: مِن قولهم: {هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ}، وقولهم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا}، وقولِهم: {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} وغيرِ ذلك، فإنا نجعل لكَ العاقبة الجميلة، ولهم المغبَّةَ الوَبيلة، كما كان ذلك للأنبياء المتقدِّمين ومكذِّبيهم، وبيَّن قصصَهم، هذا أحد معاني ربْطِ قصة داود عليه السلام بهذا الكلام.
ووجهٌ آخر: إنا أحسَنَّا إليكَ كما أحسنَّا إلى داود، ولو شئنا لأعطيناكَ مِن الدنيا كما أعطينا داود وسليمان عليهما السلام وأكثرَ مِن ذلك، ولكنِ اختَرْنا لكَ ما هو أَعْوَدُ (٣) عليك.
ووجهٌ آخر: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ}: وما آتيناه من النبوة والمُلْك، ثم لم نترُكْ عِتابَه (٤) على أدنى زلَّةٍ كانت منه، فتنبَّهوا بذلك على أني منتقِمٌ ممَّنْ عصاني.
ووجهٌ آخر: واذكر قصصهم برهانًا لكَ على صحَّةِ نبوَّتِكَ.
يقول: فاصبِرْ على أذاهم، ولا تجزَعْ منه، وأَقبِلْ على الإنذار وإيراد البراهين، واذكُرْ عَبْدَنا داود.
{ذَا الْأَيْدِ}: أي: القوة في أمرِنا، والصبر على الدعاء إلينا، فاقتَدِ به.
(١) رواه عبد بن حميد عن قتادة كما في "الدر المنثور" (٤/ ٥٥).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٥٠٦) عن عطاء.
(٣) في (ر): "أعون".
(٤) في (أ): "عقابه".