(٢٨) - {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}.
وقولُه تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ}: {أَمْ} بمعنى ألف الاستفهام، أو هو عطفٌ على ألفِ استفهامٍ مُقدَّرٍ على ما مرَّ تقريره مرات، وهو استفهام بمعنى النفي، وهو تحقيق معنى الامتحان، والتَّمييز بين أهل الإساءة والإحسان.
وقولُه تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}: أي: كالعُصاة الذين يَفْجُرون؛ أي: يَميلون عن الحق إلى الباطل.
وقيل: هذا متَّصلٌ بقوله: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩) أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وعُطف بعضها على بعض بـ (أم).
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: يعني: عليًّا، وحمزةَ، وعبيدةَ بن الحارث رضي اللَّه عنهم، {كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ}: يعني: عُتْبة وشَيْبة ابنا ربيعة، والوليد بن عُتْبة لعنهم اللَّه (١).
وقال مقاتل: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}: يعني: بني هاشم بن عبد مَناف، {كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ}: يعني: بني عبد شمس (٢).
* * *
(٢٩ - ٣٠) - {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٩) وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.
(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٨/ ٢٦١) من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، وذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ١٦٥) من رواية الكلبي عن ابن عباس.
(٢) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٦٤٣)، وذكره السمعاني في "تفسيره" (٤/ ٤٣٨) من غير نسبة.