{إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}: نصب {يَوْمَ} لوجهين:
أحدُهما: أنه ظرفُ قولِه: {عَذَابٌ شَدِيدٌ}؛ أي: لهم ذلك يوم القيامة {بِمَا نَسُوا}: أي: تركوا سلوكَ سبيل اللَّه.
والثاني: أنه مفعولُ {نَسُوا}؛ أي: نسُوا يوم الحساب الذي فيه حُكْمُ اللَّه بين عباده بالحق، فحكَموا في الدنيا بغير الحقِّ.
وهذا النِّسيان هو التَّناسي والتَّغافُل.
ثم هذا الخِطاب مِن قوله: {يَادَاوُودُ} إلى هاهنا يحتمِلُ الاستخلافَ بعد التوبة عليه، ويحتمِلُ أنْ يكون معناه: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} فاثبُتْ على ذلك، {فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}.
* * *
(٢٧) - {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}.
وقولُه تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا}: هو تذكير عن نسيان يوم الحساب.
يقول: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا} مِن المكلَّفين لأُهملَهم، فلا آمرَهم ولا أنهاهم، بل خلَقْتُهم لِأمتحنَهم وأُكلِّفَهم، وإذا كلَّفْتُهم ميَّزْتُ بين مُحْسِنهم ومُسيئهم بالثواب والعقاب، وذلك يوم الحساب.
وقولُه تعالى: {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا}: أي: ظنُّ خَلْقِ السماء والأرض وما بينهما باطلًا هو ظنُّ الكفار {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}.