حينئذ غيرُها، وهذا كقوله: {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} فاطر: ٤٥، وقوله: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ} الواقعة: ٨٣، {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} المرسلات: ٣٢، قال لَبيد:
حتى إذا ألْقَتْ يدًا في كافر... وأجَنَّ عوْراتِ الثُّغورِ ظَلامُها (١)
يعني: الشَّمسَ.
وقال حاتم الطائي:
أَماوِيَّ! لا يُغْني الثَّراء عن الفتى... إذا حَشْرَجَتْ يومًا وضاق بها الصَّدْرُ (٢)
يعني: النَّفْس.
* * *
(٣٣) - {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ}.
وقولُه تعالى: {رُدُّوهَا عَلَيَّ}: أي: الصَّافناتِ الجِياد.
{فَطَفِقَ}: أي: أخذَ وابتدأَ {مَسْحًا}؛ أي: يمسَحُ مَسْحًا؛ قال أبو عبيدة: أي: يقْطَع، يقال: مسح علاوته؛ أي: ضرب عنقه، وكذا قال الكسائي والفراء والخليل وجماعة مِن المفسرين: أنَّه القَطْعُ (٣).
{بِالسُّوقِ}: وهي جمع الساق.
{وَالْأَعْنَاقِ}: جمع العُنُق؛ أي: جعل يُعَرْقِبُ سُوقَها ويقطَعُ أعناقها.
واختلفوا في وجه ذلك على هذا القول:
(١) انظر: "ديوان لبيد بن رببعة" (ص: ١١٤)، والبيت من معلقته الشهيرة.
(٢) انظر: "ديوان حاتم بن عبد اللَّه الطائي وأخباره" ليحيى بن مدرك الطائي (ص: ٢١٠).
(٣) انظر: "العين" للخليل (٣/ ١٥٦)، و"مجاز القرآن" لأبي عبيدة (٢/ ١٨٣)، وذكره الواحدي في "الوسيط" (٣/ ٥٥٢) عن الفراء، وجعله ابن الجوزي في "زاد المسير" (٧/ ١٣١) قول الجمهور.