وقيل: هو تفويضُ تقديرِه ما يُعطي وما يُمسك؛ أي: أَعْطِ وأَمسِكْ غيرَ مُقدَّر عليك تقديرًا لا تجوز الزيادة عليه ولا النقصان منه.
وقولُه تعالى: {بِغَيْرِ حِسَابٍ}: قيل: أي: فامنُنْ؛ أي: أَعْطِ مَن أعطيتَه مُتفضِّلًا لا مُحاسِبًا له على ما تُعطيه، وراجيًا مكافأته عليه بقَدْره.
وقيل: {بِغَيْرِ حِسَابٍ} صلةُ قولِه تعالى: {هَذَا عَطَاؤُنَا}؛ أي: عطاؤُنا لك بغير حساب؛ أي: أعطيناكَ بغير حساب (١) لكَ علينا، بل ابتداءَ إنعامٍ منا.
وقيل: {بِغَيْرِ حِسَابٍ}: أي: أعطيناكَ مِن غير أن يُنقِصَنا الإعطاءُ أو يزيدَنا تركُ الإعطاء، وهو معنى الحساب؛ لأنَّه لتعَرُّفِ الزيادة والنُّقْصان، وهما عن عطائنا مُنْتَفيان.
وقيل: {فَامْنُنْ}؛ أي: فامنُنْ على مَن شئتَ فأَطْلِقْه ولا تستعملْه، {أَوْ أَمْسِكْ}؛ أي: احبسه واستعمله، والأولُ كقوله: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ} محمد: ٤، والثاني كقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} النساء: ١٥ {بِغَيْرِ حِسَابٍ}؛ أي: لا نحاسبك على ما فعلتَ، ولا نسألكَ: لِم فعلت؟ أو (٢) هلَّا فعلتَ.
* * *
(٤٠ - ٤١) - {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠) وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ}.
وقولُه تعالى: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ}: كما كان لأبيه داود، وقد فسَّرْنا ذلك.
وقولُه تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ}: أي: دعا ربه؛ أي: اذكر عبدنا أيوب كما ذكرتَ داود وسليمان إذ قال في دعائه وندائه:
(١) "أي أعطيناك بغير حساب" ليس من (أ).
(٢) في (أ): "و".