{أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ}: أي: أصابني {بِنُصْبٍ}؛ أي: نَصَب، وهو التَّعَب، وهو كالشُّغْل والشَّغَل، والحُزْن والحَزَن، والرُّشْد والرَّشَد، والبُخْل والبَخَل.
وقال أبو عبيدة: {بِنُصْبٍ}: أي: أذًى (١).
وقال قُطْرُب: أي: مرض، وقال المبرد: أي: مكروه.
وقولُه تعالى: {وَعَذَابٍ}: قيل: أي: شديد. وقيل: أي: عَناء.
ومعنى إضافةِ ذلك إلى الشيطان عند بعضهم: أنَّ الشيطان كان سأل اللَّه أنْ يسلِّطَه على ماله وولده وجسده على ما ذكَرْنا في سورة الأنبياء في قصته.
وعند بعضهم: أنَّ الشيطان وسوس إليه وأوردَ على خاطره ما يبعَثه على الجزَع والشِّكاية مِن تَذْكار الحالة الأولى.
وعند بعضهم: أنه يُخيِّلُ إلى امرأته وإلى الناس أنه لو كان له جاه عند اللَّه لم يبتلِه بمِثْل هذه البَليَّة، وكان يُنفِّرُ الناس عنه، ويخدَعُ امرأتَه بأشياء.
* * *
(٤٢) - {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ}.
وقولُه تعالى: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ}: أي: فاستجبنا له، وقلنا له: اركض برجلكَ؛ أي: اضرب بها وحرِّكْها في مكانكَ.
قال الحسن: فركَضَ برجله فسقطت عنه كلُّ دُودة كانت في جسده.
{هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ}: أي: فضرب برجله الأرض، فنبعت عَين فيها ماء بارد ليغتسل به ويشربه، فزال ما كان به مِن ضُرٍّ حين اغتسل به وشربه.
* * *
(١) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (٢/ ١٨٤)، وفيه: بلاء وشر.