لنا؛ أي: ما السبب في أنَّا لا نرى معنا في هذا الموضع رجالًا كُنَّا في دار الدنيا {نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَار} لتَرْكِهم دينَنا إلى دينٍ كان باطلا عندنا؟!
وقيل: {مِنَ الْأَشْرَارِ}؛ أي: مِن الأرذال والسَّفِلة، هذا كما يقال (١): هذا مِن شرِّ المتاع.
قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: إنَّ أبا جهل وذويه يقولون في النار: أين صُهَيْب؟ أين بلال؟ أين عمار؟ أين خبَّاب؟ وهم الذين كانت السادة تسخَرُ منهم (٢).
وقال مقاتل: هذا قول صناديد قريش في النار للعبيد والموالي (٣).
* * *
(٦٣) - {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ}.
وقولُه تعالى: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا}: مَن قرأ بكسر الألف غيرَ مقطوع (٤) فهو على التحقيق؛ أي: كنا اتَّخذناهم سخريًّا.
قال أبو عبيدة: مَن كسر السين جعله مِن الهُزْء؛ أي: نسخر بهم، ومَن ضمَّها جعلها من السُّخْرة، وهي التَّسَخُّر والاستذلال والاستعمال (٥).
(١) في (ف): "هذا كما تقول"، وفي (أ): "هذا ما يقال".
(٢) ذكره عن ابن عباس: السمعانيُّ في "تفسيره" (٤/ ٤٥١)، وروى نحوه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ١٣٦)، والثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٢١٥) عن مجاهد.
(٣) ذكر نحوه الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٢١٤)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ١٠٠) دون نسبة.
(٤) هي قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي. انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٥٥٦)، و"التيسير" للداني (ص: ١٨٨).
(٥) انظر: "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (٢/ ١٨٧).