يختلفون مِن اختلاف معبوديهم: فمنهم عابدُ صنَمٍ، ومنهم عابدُ عِجْلٍ، ومنهم عابدُ شمسٍ، ومنهم عابدُ الملائكةِ، ومنهم عابدُ الجنِّ، فيحكم بينهم جميعًا بما ذُكِر في آيات: {ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} سبأ: ٤٠، {يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ} المائدة: ١١٦، ونظائرها.
وقولُه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي}: أي: لا يُرشد إلى الحقِّ، ولا يخلُقُ صفة الاهتداء {مَنْ هُوَ كَاذِبٌ} على اللَّه أو على رسوله {كَفَّارٌ}: كافر باللَّه ما دام مُصِرًّا على ذلك.
وقيل: هذا الكذب هو قولهم: {إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}.
* * *
(٤) - {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}.
وقولُه تعالى: {لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ}:
قال الإمام أبو منصور: أي: لو جاز واحتمل أنْ يتَّخِذ اللَّه ولدًا -على ما يتوهَّمون- لاختار مما يشاء مَن شاء، لا على ما تختارون أنتم وتشاؤون أنَّ الملائكة بنات اللَّه؛ إذ العُرْفُ في الخَلْق أنَّ مَن اتَّخذ لنفسه شيئًا إنما يتَّخذ مِن أعز الأشياء وأرفعها وأعظمها قَدْرًا، لا مِن أخس الأشياء وأذلِّها، وأنتم تختارون البنين على البنات، فكيف اختار هو البنات على البنين (١)؟!
{سُبْحَانَهُ}: أي: تنزيهًا للَّه تعالى عن هذا {هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ}: الذي لا إله غيره {الْقَهَّارُ}: أي: القهار عبادَه.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٨/ ٦٥٦).