الشكر له عليها؛ فإنه لا يضرُّه كفركم؛ إذ لم يأمرْكم بالشكر لنَفْعٍ يجرُّه إلى نفْسه، وضُرٍّ يدفعه عن نفْسه، بل هو غني عنكم وعن عبادتكم.
وقولُه تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}: وهو وإنْ كان غنيًّا عنكم، فإنه لا يرضى أنْ يفعل العباد الكفر، فإنه قبيح في نفْسه.
وقولُه تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}: أي: الشكرَ، فإنه حسَنٌ في نفْسه، فيقبله منكم ويُثيبكم عليه.
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}: أي: ولا تحمل نفْسٌ حاملةٌ حِمْلَ نفْسٍ أخرى.
{ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ}: أي: ثم في القيامة إلى جزاء ربكم رجوعُكم.
{فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}: أي: فيُخبركم بأعمالكم، ويُجازيكم عليها.
{إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}: أي: بخَفِيَّات القلوب.
وقال السُّدِّي: {إن تشكروا}: تطيعوا (١).
وقال الخليل: الشكر: عِرْفانُ الإحسان ونَشْرُه (٢).
* * *
(٨) - {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}.
وقولُه تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ}: أي: وإذا نال أحدًا مِن هؤلاء المشركين بلاءٌ وشِدَّةٌ في أبدانهم وأموالهم وأسبابهم، فزِعَ إلى الدعاء والتضرُّع
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ١٦٩).
(٢) انظر: "العين" للخليل (٥/ ٢٩٢).