إلى اللَّه تعالى، راجعًا إليه دون الأصنام الذي اتخذوها أولياء؛ لعِلْمه الضروري أنَّ الصنم لا يضرُّ ولا ينفع، ولا يجرُّ ولا يدفع.
وقولُه تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ}: أي: ملَّكَه وأعطاه {نِعْمَةً مِنْهُ}: وهي خلاف الضُّرِّ الذي كان مسَّه مِن الصحة والعافية والثَّرْوة والأُلْفة.
{نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ}: أي: ترَكَ الدعاء الذي كان يدعو به من قبل نَيْلِ هذه النعمة تَرْكَ الناسي للشيء الذي لا يخطُرُ بباله.
وقوله تعالى: {إِلَيْهِ} له معنيان:
أحدُهما: {يَدْعُو إِلَيْهِ}؛ أي: يدعو اللَّه مُنيبًا إليه، فتكون الهاء كنايةً عن اللَّه.
والثاني: يدعو اللَّه إليه؛ أي: إلى كَشْفه، فتكون الكناية عن ذلك الشيء الذي يَسأل كشفَه.
وعلى هذا قوله: {فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ}.
ووجهٌ آخر: نسِيَ ما كان يدعو الناسَ إلى اللَّه؛ أي: إلى الإيمان باللَّه تعالى، والاعتصام به في هذه الحالة.
ووجة آخر: نسِيَ ما كان يَستشفع به (١) بالناس إلى اللَّه تعالى؛ أي: يستعين بهم في دعاء اللَّه لحاجته (٢).
وقولُه تعالى: {وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ}: أي: قل يا محمد لهذا الكافر: إنَّ تمتُّعَكَ بكفركَ في الدنيا مِن نَيْل الرياسة والأغراض الدنيوية قليلٌ زائلٌ، ثم إنك صائرٌ إلى النار، باقٍ فيه خالدًا مُخلَّدًا.
(١) "به" زيادة من (أ).
(٢) في (أ): "بحاجته"، وهذا الوجه الأخير غير واضح.