على مُقابلةِ ما قال لأهل النار قبله، وهو قوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ}.
وقولُه تعالى: {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ}: أي: وعدًا حقًا مِن اللَّه ذلك {لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ}؛ أي: الوعد في الفريقين جميعًا.
* * *
(٢١) - {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ}.
وقولُه تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}: أي: مطرًا.
{فَسَلَكَهُ}: أي: أدخَلَه {يَنَابِيعَ}؛ أي: عيونًا وأنهارًا ينبع الماء منها؛ أي: يفور.
{فِي الْأَرْضِ}: فصارت فيها.
{ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ}: أي: بالماء {زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ}: قيل: أي: أصنافه؛ كقولك: هذا لون مِن الثياب، ولون مِن الطعام، يعني: مِن حِنْطة وشعير وأَرُزٍّ وغير ذلك مِن الحُبوب.
وقيل: هي الألوان حقيقةً، فإنَّ الزرع مختلِف ألوانه، فإنَّ لون الأَرُزِّ غيرُ لون الحِنْطة، ونحو ذلك.
وقولُه تعالى: {ثُمَّ يَهِيجُ}: ثم يَيْبَس هذا الزرع {فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا}.
{ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا}: مُتناثرًا مُتساقطًا مُتكسِّرًا.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ}: أي: فيما ذكَرْنا مِن إحياء الأرض بعد موتها دِلالةً على إحياء الخَلْق بعد موتهم، وهذا وعد مِن اللَّه تعالى لا يُخْلِفُه.
* * *