(٣٤ - ٣٥) - {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
{لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ}: أي: ما يشتهونه في الجِنان التي أعدَّها لهم مِن أنواع النِّعَم.
{ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ}: في اعتقادهم وأعمالهم.
{لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا}: أي: يجزيهم هذا الجزاءَ ليكون كفارة -أي: سِتارةً- لِمَا سلَف منهم حالَ كفرهم.
{وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ}: بطاعتهم في الإسلام.
ثم قولُه: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ}: واحد، وقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}: جمع؛ لأنَّه واحدٌ في لفظه جمعٌ في معناه؛ لأنَّه جنس، فصار كقوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فاستثنى، ولا يكون ذلك إلا مِن الجَمْع.
وقيل: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ}: هو رسول اللَّه عليه السلام، و (الصدق): هو القرآن -وقيل: هو التوحيد- و {وَصَدَّقَ بِهِ}: هو أيضًا قبِلَه وحقَّقَه، وقوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}: وهو مَن اتَّبَعه.
وقيل: {وَصَدَّقَ بِهِ}: أي: ومَن صدَّق به، وهو أبو بكر الصديق، قاله الكلبي وأبو العالية (١)، وقوله تعالى: {أُولَئِكَ}: أي: هو وأتباعه.
وقيل: ومَن صدَّقَ به: هم المؤمنون، جميعًا مع النبي ومع الصِّدِّيق.
(١) ذكره عنهما الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٢٣٦)، والبغوي في "تفسيره" (٧/ ١٢٠)، وزاد الثعلبي: عن علي.