له في الدنيا والآخرة عليهم، فقال في الدنيا: {كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} الآية، وقال في الآخرة: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}: أي: إنَّك يا محمد تموت ويموت هؤلاء المشركون؛ لأنَّ آجال الجميع مُنقضيةٌ مُنقطعة.
وقولُه تعالى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}: أي: ثم يُحييكم اللَّه ويَبعثكم للحساب والجزاء والفَصْل بين المختلفين، فيختصم أهل الحق وأهل الباطل بحضرة الملائكة والمرسلين والصِّدِّيقين، ويَفْصِل اللَّه الخُصومة بينهم بالتمييز بين الفريقين، وذلك قولُه تعالى:
* * *
(٣٢) - {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}.
وقولُه تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ}: فزعم أنَّ له شُركاء وأولادًا {وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ}؛ أي: بالقرآن لَمَّا جاءه، فهؤلاء فريق.
{أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}: استفهام بمعنى التَّقْرير، وهو جزاء هؤلاء الفريق.
ثم قال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ}: قيل: أي: بالصدق في اعتقاده ودينه فأخلَصَ للَّه ووحَّدَه.
{وَصَدَّقَ بِهِ}: أي: حقَّقَ ذلك الصدق بالطاعة.
{أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}: لم يظلموا أنفسهم كما ظلَم الأولون.
* * *