قال قتادة: وهذه مقالاتٌ ذكرَت أنَّ الكافر يقول ذلك يوم القيامة، ويحتمل أنْ يكون كلُّ قول لكلِّ صنف (١).
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: ويجوز أنْ يكون كلُّ كلام مِن كلِّ كافر (٢).
* * *
(٥٩) - {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}.
وقولُه تعالى: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ}: {بَلَى} لرَدِّ ما قبلها، وإثباتِ ما بعدها.
وفي هذه الآيات إشارات (٣) إلى أنهم أضافوا التَّفريط، وذهاب العُمُر على اللَّهْو، وعدمَ هداية اللَّه، وتمنيَ الرجوع ليُحسنوا باختيارهم، أضافوا ذلك إلى عدم إتيان البيان على الإيضاح والإعلان، فردَّ اللَّه عليهم بهذا.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: بلى، بيَّنَتْ لكَ الآياتُ الهدايةَ مِن الغِواية، والحقَّ مِن الباطل، والخيرَ مِن الشر، والصدقَ مِن الكذب، ومكِّنْتَ مِن اختيار الهداية على الغواية، والحقِّ على الباطل، والصدقِ على الكذب، لكنْ تركْتَ ذلك وضيَّعْتَ واستخفَفْتَ به واشتغَلْتَ بضده، فإنما جاء التضييع مِن قِبَلِكَ (٤).
وأكثرُ القراء على التذكير في قوله: {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ}: على إرادة خطاب الإنسان، وقرأ بعضهم بتأنيثِ كلِّها؛ لسبق ذِكْر النَّفْس (٥).
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٠/ ٢٣٥ - ٢٣٦).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٨/ ٦٩٧).
(٣) في (ف): "إشارة".
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٨/ ٦٩٨).
(٥) نسبها ابن خالويه في "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ١٣٢) للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبي بكر، والثعلبي في =