{لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}: أي: لَيَتَلاشيَنَّ ولَيَبطُلَنَّ {وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}: تفسيرُه وتقديرُه؛ لأنَّ عملَه إذا بطَلَ أثرُه وفات ثمرُه بقِيَ عناؤُه وخُسْرُه.
وقيل: {وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}: إشارةٌ إلى ما سبق ذِكْرُه مِن قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ}.
* * *
(٦٦) - {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
وقولُه تعالى: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ}: أي: فاعْبُده ووحِّدْه ولا تُشركْ به غيرَه.
{وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}: فإنه المُنعم بالحقيقة، وشكرُ المنعم واجب بتعظيمه وإخلاص العبادة له.
ثم هذا الوعيد مع تحقُّق العصمة؛ لِما مرَّ مرات أنَّ العِصْمة هي الحفظ عن فعلِ ما عليه الوعيد، ولو زال النهي وارتفع الوعيد لبطَلت العِصْمة.
* * *
(٦٧) - {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
وقولُه تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}: قيل: أي: وما عظَّموا اللَّه حقَّ تعظيمه.
وقيل: وما اعتقدوا في اللَّه ما يجب أنْ يُعتقَد فيه.
وقيل: أي: وما وصفوا اللَّه بما يستحِقُّ أنْ يوصف به، يعني: المشركين، فإنهم وصفوا اللَّه بما لا يليق به، وعجَّزُوه عن البعث والجزاء، وجوَّزوا عليه بعث رسول ظنوا فيه أنه يُطابقهم على مُرادهم بما استمالوه به مِن الأموال وغيرها، وهو ظنُّ السَّفَهِ (١) باللَّه، تعالى اللَّه عنه عُلُوًّا كبيرًا.
(١) في (ف): "السفيه".