وقال السُّدِّيُّ: أراد به آدمَ وحده (١)، وهو للخصوص.
ثم اختلفوا في تسميته خليفةً:
قال ابنُ مسعود رضي اللَّه عنه: خلافتُه: الحُكمُ بين الخلق، وتبليغُ الوحي، وبيانُ الأمر والنهي، وذكْرُ الوعد والوعيد.
وقال بعضهم: خَلافتُه وخلافةُ أولادِه مِن بعده (٢)؛ في إنباتِ الأشجار، واستخراجِ الثمار، وشقِّ الأنهار.
وقالوا: إنَّ اللَّهَ تعالى خَلَقَ العرش والكرسيَّ واللوح والقلمَ وسدرةَ المنتهى وجنَّة المأوى، ولم يُخبر عن خَلْقها قبل كونها، وخصَّ بذلك آدمَ وأولاده؛ لأنَّه شرَّفهم وكرَّمهم وفضَّلهم وقدَّمهم، وما فعل ذلك لكون أَصلهم أَزينَ، ولا لكون فِعْلهم أحسنَ (٣)، لكن مَنًّا منه (٤) وفَضْلًا وكرمًا وطَولًا، وقد قال قائلُهم:
وكم أبصرتُ مِن حُسْنٍ ولكن... عليك مِن الوَرَى وقعَ اختياري (٥)
وقوله تعالى: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} قيل: هذه ألفُ الاستفهام، وهو
(١) ورد نحوه في خبر رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٤٧٩) من طريق السدي عن أشياخه عن ابن مسعود وابن عباس.
(٢) "من بعده": ليست في (أ) و (ف).
(٣) في (أ): "وما فعل ذلك لكونهم أزين أصلًا وأحسن فعلًا".
(٤) في (ف): "عليهم".
(٥) البيت فى "نهاية الأرب" للنويري (٢/ ٨٢) ونسبه لمحمد بن وهب، و"لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٧٤) ولم ينسبه.