{وَيُؤْمِنُونَ بِهِ}: أي: ويُصدِّقون به مُخْلِصين في ذلك.
{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}: أي: يسألون اللَّهَ لهم المغفرة: {رَبَّنَا}؛ أي: يقولون: يا ربَّنا {وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}؛ أي: ما مِن شيء إلَّا وقد نالَه رحمتُكَ، وأحاط به عِلْمُكَ.
قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أمَّا في الدنيا، فالرحمةُ تسَعُ المؤمن والكافر، وأمَّا في الآخرة، فلا تنالُ إلا المؤمن، قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} الآيةَ الأعراف: ١٥٦ (١).
قدَّموا الثَّناء على اللَّه تعالى ثم اشتغلوا بالدعاء، فقالوا:
{فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا}: أي: عن الشرك {وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ}؛ أي: الإسلامَ، فهو الطريق المؤدِّي إلى رِضْوان اللَّه {وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}؛ أي: واحفظهم.
* * *
(٨) - {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ}: أي: إقامة {الَّتِي وَعَدْتَهُمْ}: أي: في القرآن.
{وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ}: أي: وأَتمِمْ سرورهم بأنْ تجمَعَ بينهم وبين آبائهم ونسائهم وأولادهم.
{إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ}: أي: المَنيعُ بسلطانكَ، فلا يُعترَضُ عليك فيما تُؤتيه عبادَكَ، {الْحَكِيمُ}: المُصيبُ في أفعالكَ وأقوالكَ.
وإنما قالوا: {وَمَنْ صَلَحَ}؛ لأن مَن أشركَ منهم لم يستحِقُّوا ذلك.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٩/ ٧).