ثم يجوز أنْ يكون {وَمَنْ صَلَحَ} عطفًا على قولِه: {وَعَدْتَهُمْ}، فإنه قال: {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}، ويجوز أنْ يكون عطفًا على قوله: {وَأَدْخِلْهُمْ}.
* * *
(٩) - {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.
{وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ}: أي: واصرِفْ عنهم العقوباتِ والمكارهَ التي تسوء صاحبَها.
وقيل: هي الأهوال قبلَ دخول النار.
وقيل: هي العقوبات في النار.
وقولُه تعالى: {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}: بدؤوا بوصف اللَّه تعالى بالرَّحمة، وختَموا بذلك؛ ليُعلِموا (١) أنَّ الأدب في الدعاء هو البدايةُ بالثناء والختمُ به، وأنَّ كل ذلك برحمة اللَّه.
وقيل: لَمَّا اختار الملائكةُ هاروتَ وماروتَ، ووقع لهما ما وقع، أشفقوا على عُصاة البشَر، فالتزموا لهم هذا الدعاء (٢).
وقال الإمام القُشَيري رحمه اللَّه: لئن سلَّطَ اللَّه عليكَ أراذل خَلْقه -وهم الشياطينُ- بالإغواء، فقد أمز بشفاعتكَ أفاضلَ خَلْقه -وهم الملائكةُ- بالدعاء (٣).
وقال يحيى بن معاذ الرازيُّ رحمه اللَّه: هذه الآية أرجى آيةٍ في كتاب اللَّه للمذنبين.
(١) في (أ): "ليعلم".
(٢) روى نحوه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٣٤٢)، وابن أبي الدنيا في "العقوبات" (٢٢١) من حديث ابن عباس وابن مسعود رضي اللَّه عنهم.
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٣/ ٢٩٧).